أولا : إعتزال العالم للتعبد
الرهبنة ليست هربا من مسئوليات الحياة , أو هرباً من المواقف الإنفعالية التى تواجه الشخص فى العالم , وليست الرهبنة نوعاً من السلوك السلبى وإلا كانت الرهبانية سلوكاً مرضياً .
الرهبنة هدفها العمل الناجح والتفرغ للتعبد وإنقطاع الإنسان للرياضيات الروحية والعقلية , هى أنصراف للتأمل والتصوف , وخلود إلى السكون , والوجود الدائم فى حضرة الرب الإله والتفكير الدائم فيه والإتحاد به وفى إرضاؤه والتفكير فى عمل الخير دائماً .
ثانياً : نذر التبتل للرب
يقتضى من طالب الرهبنة نذر التبتل للرب , والبتوليه هى حياة العزوبة الإختيارية مدى الحياة . وهذا النذر ليس هرباً من مسؤوليات الزواج , ولا كراهية للمرأة أو الأولاد , ولكن إيثارا وطلباً منه لحياة أفضل , لكى لا يكون منشغلاً عن الرب ومنفصلاً عنه بهموم العالم ومشاكله لكى يكون مقدساً للرب نفساً ووجداناً وروحاً .
وذلك حسب قول السيد المسيح نفسه : " لأن من الخصيان من وُلدوا كذلك من بطون أمهاتهم , ومنهم من خصاهم الناس , ومنهم من خصوا انفسهم من أجل ملكوت السماوات , فمن إستطاع أن يحتمل فليحتمل ... وكل من ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو إمرأة أو بنين أو حقولاً لأجل إسمى , يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية (إنجيل متى 19: 12- 29) وأيضاً : " فإن غير المتزوج يهتم فيما للرب وكيف يرضى الرب , أما المتزوج فيهتم للعالم كيف يرضى إمرأته , إن بين الزوجة والعذراء فرقاً , غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة فى الجسد وفى الروح , واما المتزوجة فتهتم فيما للعالم كيف ترضى رجلها (كورنثوس الأولى 7: 32- 34) وليس نذر البتوليه هو القضاء على الجنس البشرى لأن هذا الطريق هو طريق ضيق جداً ويسميه القديسين طريق القلة وهذا واضح من قول السيد المسيح : " ليس الجميع يحتملون هذا الكلام إلا الذين وهب لهم (متى 19: 11) .